• البنك الدولي يرفع تقديراته للنمو الاقتصادي الخليجي إلى 4.4 % العام الجاري

    15/05/2010

    تقرير إخباري البنك الدولي يرفع تقديراته للنمو الاقتصادي الخليجي إلى 4.4 % العام الجاري 



    شهدت اقتصادات دول الخليج تأثرا عميقا بالأزمة العالمية نتيجة تدهور أسعار النفط وبروز أزمة الديون المتعثرة وتدهور أسعار العقار. لكن السياسات المالية والنقدية الفاعلة التي اتخذتها دول المجلس بفضل ما تمتلكه من احتياطيات أسهمت في وقف التدهور الاقتصادي والعودة
     
     
     

    قال تقرير صدر أخيرا عن البنك الدولي إن التوقعات الراهنة باقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تشير إلى توقع نمو هذه الاقتصاديات بنسبة 4.4 في المائة عام 2010، وهي عودة قوية للنمو بالمقارنة مع معدلات النمو عام 2009 والتي لامست الصفر.
    وقال إن اقتصادات دول المجلس تعد بمثابة القاطرة لنمو اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة بعد عودة أسعار النفط للارتفاع واستقرار الأوضاع المالية. وشهدت اقتصادات هذه الدول تأثرا عميقا بالأزمة العالمية نتيجة تدهور أسعار النفط وبروز أزمة الديون المتعثرة وتدهور أسعار العقار. لكن السياسات المالية والنقدية الفاعلة التي اتخذتها دول المجلس بفضل ما تمتلكه من احتياطيات أسهمت في وقف التدهور الاقتصادي والعودة للنمو.
    وأضاف أن انتعاش اقتصادات دول المجلس سينعكس إيجابا على اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والدول النامية من خلال عودة التدفقات المالية الخارجة من دول المجلس، وعودة الاستثمارات الأجنبية بشكل عام لدول المنطقة، زائدا زيادة حجم التحويلات المالية للعمالة في دول المجلس.
    إلا أن التقرير أعاد التحذير من مخاطر عدة تظل ماثلة أمام توقعات النمو للاقتصادات الخليجية عام 2010، منها تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي وعدم استقرار الأوضاع السياسية الإقليمية التي تحد من تدفق الاستثمارات العالمية ونمو الاستثمار الخاص وتقلب أسواق الأسهم، كما أن أزمة دبي أبرزت مجددا التخوف من تأثر الميزانيات العمومية للبنوك التجارية من الديون المتعثرة.
    وعن هذه الأزمة قال التقرير، إن إعادة جدولة ديون دبي العالمية أسهمت في توضيح الرؤية حول آفاق النمو الاقتصادي في الإمارة، إلا أن الأزمة لم تنته كليا. غير أن الإنفاق القوي لإمارة أبو ظبي سينعش الوضع الاقتصادي ككل في الإمارات، ويسهم في إعادة دمج نموذج ''مركز الخدمات'' لدبي مع النمو الاقتصادي ككل.
    وستكون مواصلة الإنفاق العام على البنية التحتية والتنمية الاجتماعية عنصرا أساسيا للمساعدة على تحقيق إمكانات هذه الاقتصادات، وسيتعين على الحكومات أيضا الشروع في وضع استراتيجيات لسحب دعم السيولة الاستثنائي الذي قدمته أثناء الأزمة لتخفيف حدة آثارها.
    وستظل أولويات الأجل المتوسط تتضمن تطوير الأسواق المالية - بما يشمله من تنويع في النظام يتجاوز حدود النظام المالي القائم على البنوك - وكذلك جهود تحسين مناخ الأعمال بغية دعم التنوع في النشاط الاقتصادي وإيجاد فرص العمل.
    وفيما يخص أداء الاقتصادات الخليجية عام 2009، قال التقرير إنها حققت نموا سالبا قدره 0.6 في المائة بسبب تراجع حجم الإنتاج النفطي مع انخفاض الأسعار، وهو الذي أدى إلى تراجع العوائد النفطية بنسبة 30 في المائة من 755 مليار دولار عام 2008 إلى 485 مليار دولار عام 2009.
    وقال التقرير إنه اعتمادا على الاحتياطات الكبيرة التي تجمعت قبل الأزمة، تحركت الحكومات لمواجهة الأزمة بانتهاج سياسات توسعية على مستوى المالية العامة، وتوفير دعم السيولة لقطاعاتها المالية، ما أسهم في احتواء تأثير الأزمة في الاقتصاد ككل. وساعدت هذه السياسات كذلك في الحفاظ على مستويات الواردات المرتفعة نسبيا أثناء الأزمة، ما أسهم بدوره في التخفيف من حدة الهبوط الاقتصادي العالمي. وترتب على ذلك انخفاض فائض الحساب الجاري في هذه البلدان بنحو 350 مليار دولار.
    ومع ارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش المنتظر في الطلب العالمي، يتوقع التقرير أن ترتفع الإيرادات النفطية فتسمح للبلدان المصدرة للنفط بما يسمح بإعادة بناء أرصدة احتياطاتها الدولية بأكثر من 100 مليار دولار عام 2010، ما يسهم في وضع الأساس اللازم للحفاظ على مستوى الإنفاق العام. ومع التوقعات بزيادة حصة مجلس التعاون الخليجي من الواردات العالمية من 2.7 في المائة في عام 2008 إلى 3.2 في المائة في عامي 2009 و2010، يتوقع أن يظل إسهام المنطقة في الطلب العالمي قويا.
    وبينما لم تكن معظم البنوك في المنطقة معرضة لمخاطر الأصول المتعثرة، إلا أنها تضررت من انهيار أسواق الأصول المحلية وسحب الأرصدة بالنقد الأجنبي، غير أن اتخاذ الإجراءات الفورية والقوية على مستوى السياسات أدى إلى احتواء هذه التداعيات.
    وكشفت الأزمة عن بعض أوجه القصور في القطاع المالي في المنطقة، أبرزها ضعف نظم إدارة المخاطر والإفراط في الرفع المالي للمؤسسات، وفي المرحلة المقبلة ستظل التدابير الرامية إلى تقوية التنظيم والرقابة الماليين - والتي يجري استحداثهما في بعض البلدان بالفعل - عنصرا بالغ الأهمية.
    وأضاف البنك أن دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها تنتمي للبلدان متوسطة الدخل تواجهها تحديات معقدة على الصعيد الاجتماعي والثقافي والسياسي والتنموي، نابعة من طبيعة مرحلة التحول التي تمر بها باتجاه الرقي لمرحلة تطور أعلى، إذ تتراوح هذه التحديات بين الاحتياجات التنموية والأفضليات المختلفة التي توليها هذه البلدان للخدمات التنموية والاجتماعية. كما أنها تولي اهتماما كبيرا باستحقاقات الوصول السريع إلى خبرات فنية مستهدفة بعينها وإلى وجود مؤسسات عامة شفافة وخاضعة للمساءلة، تقوم بتشجيع ازدهار القطاع الخاص وإيجاد الوظائف وفرص العمل.
    وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد حظيت بزيادة كبيرة في حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة الواردة إليها وزادت بنسبة 60 في المائة. وأوضح التقرير أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي شهد زيادات كبيرة في حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة الواردة إليها عام 2008.
    في جانب آخر، فإن هناك دولا عديدة ومنها دول مجلس التعاون الخليجي لم تعد ترى أن هناك حاجة لأية مساندة مالية كبيرة من البنك الدولي، نظرا لما لديها من احتياطيات ضخمة بالعملة الأجنبية، ولتمتع ميزانياتها بوضعية جيدة.
    إلا أن بلدانا أخرى ما زالت لديها احتياجات استثمارية ضخمة بما في ذلك الأموال اللازمة للمشروعات العامة في مجالات البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية. وترى هذه البلدان أن التمويل من جانب مؤسسات كالبنك الدولي يعد ضروريا وأساسيا لتنفيذ إصلاح سياساتها ومؤسساتها، فضلا عن الاستثمار في رأس المال البشري والمادي اللازم لجذب الاستثمارات المالية الخاصة إليها.
    على صعيد آخر، قال التقرير إن التعافي الاقتصادي الذي يشهده العالم حالياً سيتباطأ في وقت لاحق من هذا العام مع انحسار تأثير برامج التحفيز الاقتصادي. وأضاف أن الأسواق المالية ما زالت تشعر بالقلق، وأن الطلب من القطاع الخاص ما زال دون التوقعات وسط ارتفاع معدلات البطالة.
    ويحذر التقرير من أنه رغم أن أسوأ آثار الأزمة قد وقع بالفعل، فإن تعافي الاقتصاد العالمي ما زال هشاً. ويتوقع التقرير أن تؤدي آثار الأزمة إلى تغيير المشهد العام بالنسبة للتمويل والنمو على مدى السنوات العشر المقبلة.
    ووفقاً لهذا التقرير، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي العالمي، الذي تقلص بواقع 2.2 في المائة في عام 2009، بنسبة 2.7 في المائة هذا العام، و3.2 في المائة في عام 2011.
    وتشير التوقعات الخاصة بالبلدان النامية إلى تحقق تعافي قوي نسبيا، حيث ستنمو بنسبة 5.2 في المائة هذا العام، و5.8 في المائة في عام 2011 ـ وذلك مقابل 1.2 في المائة في عام 2009. أما إجمالي الناتج المحلي في البلدان الغنية، الذي تقلص بنسبة 3.3 في المائة في عام 2009، فمن المتوقع أن يرتفع بوتيرة أقل سرعة ـ بواقع 1.8 في المائة و2.3 في المائة في عامي 2010 و2011 على التوالي.
    ومن المتوقع كذلك أن ينمو حجم التجارة العالمية، الذي تراجع بدرجة كبيرة بلغت 14.4 في المائة في عام 2009، بنسبة 4.3 في المائة هذا العام و6.2 في المائة في عام 2011.
    ورغم أن هذا السيناريو هو الأرجح، فإن الغيوم الكثيفة المصاحبة لحالة عدم اليقين ما زالت تحجب الآفاق. فمعدلات النمو في عام 2011 يمكن أن تراوح بين 2.5 و3.4 في المائة وذلك تبعا لمستوى ثقة المستهلكين ومؤسسات الأعمال في الفترات ربع السنوية القليلة المقبلة، وتوقيت انحسار أثر برامج التحفيز الاقتصادي والنقدي.
    وكانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أقل المناطق تأثرا بحدة الأزمة مقارنة بالمناطق الأخرى، حيث تباطأ إجمالي الناتج المحلي بصفة عامة إلى 2.9 في المائة في عام 2009. وأشارت التقديرات إلى أن معدل النمو بين البلدان النامية المستوردة للنفط كان في حدود 4.7 في المائة في عام 2009. أما البلدان المصدرة للنفط، فقد هبط معدل النمو ليصل إلى 1.6 في المائة، ما يعكس قيود الإنتاج، وتراجع الإيرادات النفطية. وبالنسبة للمنطقة ككل، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بواقع 3.7 في المائة في عام 2010، و4.4 في المائة في عام 2011. وترتكز هذه التوقعات الخاصة بالتعافي على تحسّن الطلب العالمي على النفط، ما سيؤدي بدوره إلى استقرار أسعاره، ونشاط أسواق الصادرات الرئيسية. وعلى الرغم من الانحسار التدريجي لتدابير برامج التحفيز الاقتصادي، فإن التحسن المعتدل في جوانب الإنفاق الاستهلاكي والرأسمالي سيشكل ركيزة أكثر ثباتا للنمو.
    ويمضي التقرير في التحذير من أن الأمر سيستغرق سنوات عدة، رغم عودة النمو إلى معدلات إيجابية، قبل أن تعوض الاقتصادات الخسائر التي لحقت بها بالفعل. ويقدر التقرير أن عدد الذين يعيشون في براثن الفقر المدقع (على أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم) سيرتفع بواقع 64 مليون شخص آخر في عام 2010 مقارنة بما سيكون عليه الحال لو لم تقع الأزمة.
    علاوة على ذلك، من المتوقع خلال الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة أن تؤدي زيادة تفادي تحمل المخاطر، وتطبيق تدابير تنظيمية أكثر تحوطا، والحاجة لكبح بعض ممارسات الإقراض الأكثر خطورة التي سادت خلال فترة الانتعاش قبل اندلاع الأزمة إلى شح الرساميل وارتفاع تكلفتها بالنسبة للبلدان النامية.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية